لطالما ادّعت فرنسا أن تسليم المجرمين المطلوبين من الجزائر ليس من اختصاص السياسيين، بل هو من اختصاص العدالة المستقلة التي لا يمكنهم التدخل فيها. ولكن عندما تغير اسم المطلوب ليصبح بوعلام صنصال، تخلت فرنسا، من أعلى مكاتب الإليزيه، عن هذا المبدأ. انبرى السياسيون، وعلى رأسهم الرئيس ماكرون، للمطالبة بإطلاق سراح متهم لم تبت العدالة الجزائرية في قضيته بعد. بل إن الجزائر، احترامًا لمرضه وسنه، تحتجزه في مستشفى لتوفير الرعاية المناسبة له.
ماكرون، الذي يرفض تسليم الهارب عبد السلام بوشوارب، المطلوب بتهم فساد مثبتة بالأدلة، ويتجاهل الإرهابيين اللاجئين في باريس، يتجرأ دون خجل ليطالب الجزائر بتسليم مواطن جزائري اكتسب الجنسية الفرنسية حديثًا. يبدو أن مفهوم العدالة لدى ماكرون هو ما يتماشى مع مصالحه وأفكاره فقط.
صنصال متهم، وما لم تقل العدالة كلمتها بشأنه، فإن أي تدخل سياسي يُعد تجاوزًا صارخًا لسيادة العدالة الجزائرية ومبدأ العدالة بوجه عام. إذا كان ماكرون حريصًا على العدالة والإنسانية كما يدعي، فليتحدث أولًا عن الهاربين المطلوبين لديه بأوامر الإنتربول الدولي.
كما أنه مدعو إلى إظهار “إنسانيته” في قضايا أخرى؛ مثل قضية محمد زيان، المحامي المغربي البالغ من العمر 83 سنة، الذي يقبع في السجن منذ سنوات ويعاني أوضاعًا صحية حرجة. عندما زار ماكرون المغرب، لم يجرؤ على قول كلمة واحدة لصديقه الملك حول هذه القضية.
يا سيادة الرئيس الفرنسي، دع العدالة الجزائرية تقوم بعملها، وركز على أداء مهامك، مثل تمرير قانون المالية لعام 2025 الذي لم يُعتمد بعد في فرنسا. حكومتك التي فرضتها تواجه خطر السقوط، ربما قبل أن يُحاكم صنصال.