خبر برس – رأي : نتابع اليوم بحزن، بغضب وبامتعاض مستجدات قضية الطالبة (رحمها الله) التي توفيت في إقامة جامعية بالعاصمة وبذات الحالة نتابع أخبار الحريق الذي أتى على مساحة تجهيز داخل إقامة جامعية أخرى بسطيف، مثلما نفعل دائما عند تسجيل حوادث مماثلة دون أن نخرج بنتائج عملية أو بقرارات تغيير حقيقية!
حادث العاصمة أو سطيف أو ما قبلهما من مطبات داخل قطاع الخدمات الجامعية يعرف أسبابهم الجميع في الجزائر، ببساطة، لكل عائلة طالب يقيم بإحدى الإقامات الجامعية يروي لأهله هول ما يعيشه في مغامرته هناك ما يدفعه لاستعمال بدائل قد تكون خطيرة لتوفير الأكل والتدفئة، رغم ما تتباهى به الحكومة من إحصائيات مالية مخصصة للدعم الاجتماعي الجامعي، مثلا في 16 يوليو 2018 قال الطاهر حجار وزير التعليم العالي آنذاك إن الطالب الجزائري الواحد يكلف الدولة 70 مليون سنتيم سنويا بسبب “سوسلة الدراسة في الجزائر”، أقول “سوسلة من سوسيال” لأن مختلف الوزراء الذين تعاقبوا على هذه الحقائب أو حتى حقائب أخرى كلما ذكروا قطاع التربية وقطاع التعليم العالي دعموا أقوالهم بالمبالغ المالية التي تصرف “رانا نصرفوا على اولادكم كذا وكذا، احمدوا ربي راكم تقراو باطل” متجاهلين تماما نتائج هذه القطاعات علميا وهو الهدف الرئيس لها، وكأن التقييم بما يُصرف وليس بما يُنتج!
بالمنطق ذاته، إذا ما أخذنا تصريح حجار كنقطة بداية نحو تغيير هذا الوضع الذي جلب الكثير من المآسي والإحباط لأبناء الجزائريين، ووزعنا 70 مليون على أشهر السنة فنجد أن “سوسلة” التعليم العالي تكلف خزينة الدولة 5 ملايين سنتيم شهريا عن كل طالب وفي الأخير نجد الطالب جائعا بسبب رداءة نوعية الوجبات المقدمة، لتأكل المزابل هذه الأموال التي صُرفت على الإطعام، كما نجد الطالب ” بردان” في الشتاء لأن المدافئ تشتغل على فترات بسبب الأعطاب المتكررة ما يدفعه لاستعمال “ياجورة _حبة بريك” وسلك مقاومة كهربائية تنتهي دائمة بحريق أو حادث أو عاهة، ونجده محبطا لأن دورات المياه التي يستعملها تشبه البِرَك والمستنقعات وفي الأخير لا يجد الطالب أين يستحم وأين يجهز نفسه صحيا وذهنيا لتلقي تكوين علمي في الجامعة.
في الغالب يتقاسم الغرفة 3 طلبة في الإقامات الجامعية، ماذا لو رفعت الدول ” السوسلة ” الفوضوية عن الخدمات الجامعية وجعلتها دعما مباشرا من 3 ملايين سنتيم فقط تصرف شهريا لصالح الطلبة وليس 5 مثلما صرح الطاهر حجار؟
في هذه الحالة تكون الدولة قد وفرت 2 مليون سنتيم عن كل طالب مقيم، أما الطالب حينها بإمكانه أن يخصص مليون سنتيم لكراء بيت محترم يتقاسم مبلغ إيجاره رفقة زميلين ” 3مليون سنتيم شهريا بإمكانها أن توفر للثلاثي بيتا محترما نظيفا بدورات مياه نظيفة وفراش نظيف وحياة هادئة ”
2 مليون سنتيم المتبقية بإمكان الطالب أن يُقسمَها بين الإطعام والنقل في القطاع الخاص الذي غالبا ما تكون خدماته أكثر جودة من القطاع العمومي، تتخلص الدولة حينها من أعباء إضافية ويتخلص الطالب من حياة مرة يُجبر على عيشها داخل تلك البنايات المقززة، كذلك سننعش مجالات تجارية وخدماتية حقيقة والأهم سنقضي على الفساد الذي أحكم قبضته على الخدمات الجامعية… اسألوا الطلبة سيروون لكم الكثير من قصص السطو على طعامهم!
لا يعبر المقال بالضرورة عن خبر برس